سياسة

ما الذي قد يُعيق ارتفاع الأسهم الأميركية؟

تعزّز مؤشرات وول ستريت مكاسبها التاريخية مدفوعةً بتفاؤل المستثمرين والرهان على استمرار قوة أرباح الشركات، رغم التحديات المتراكمة على جبهات السياسة والاقتصاد العالمي.
تستفيد الأسهم الأميركية حالياً من زخم قوي يضعها في صدارة الأداء العالمي. فيما تُراقب الأسواق في المقابل مجموعة من العوامل الضاغطة التي تلوّح باحتمال تعطيل هذا المسار الصاعد، بدءاً من الضبابية السياسية في واشنطن، مروراً بتداعيات الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وصولاً إلى المخاطر الجيوسياسية وتذبذب البيانات الاقتصادية.
تترقب وول ستريت اختباراً حرجاً في موسم النتائج الجديد، حيث يتعيّن على الشركات الأميركية إثبات قدرتها على ترجمة الحماس الكبير نحو قطاع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي إلى أرباح فعلية، مع الإجابة عن تساؤلات ملحّة بشأن أثر الرسوم الجمركية، ومصير توقعات خفض الفائدة، واستدامة التوسع الاقتصادي.
عرقلة الزخم
في هذا السياق، وتحت عنوان “ما الذي قد يُعيق ارتفاع الأسهم (الأميركية)؟”، يشير تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز” إلى مجموعة من الأمور التي يمكن أن تعرقل زخم مؤشرات وول ستريت الرئيسية.
في البداية، يلفت التقرير إلى مفارقة مرتبطة بعدم ظهور تأثير جلي لكثير من المعرقلات على أداء المؤشرات، حيث إغلاق حكومي وحرب تجارية متصاعدة واضطرابات في أسواق الائتمان والعمل وحتى انقطاع في البيانات أجبر وول ستريت على التخمين، لكن “لا شيء من هذا يُبطئ مؤشر ستاندرد آند بورز 500”.
ارتفع المؤشر القياسي بنحو 35 بالمئة منذ أن أعلن الرئيس ترامب عن فرض رسوم جمركية متبادلة في أبريل، وفقاً لمورغان ستانلي.
ورغم ذلك، يشير التقرير إلى أن هناك عدداً متزايداً من الأسباب التي تجعل مراقبي السوق يخشون من أن الارتفاع لن يستمر.
– سيأتي الاختبار الأخير مع موسم الأرباح الفصلية الجديد.
– هناك توقعات كبيرة بتحقيق الشركات أرباحًا أكبر.
– لكن ثمة سؤالاً رئيسياً يطرح نفسه: هل ستبدأ تكاليف الرسوم الجمركية بالظهور في النتائج هذا الربع؟
من بين العوامل أيضاً، الإغلاق الحكومي، بينما كان كبير المستشارين الاقتصاديين للبيت الأبيض، كيفن هاسيت، قد توقع أن الإغلاق سينتهي على الأرجح هذا الأسبوع. لكن خلافات المشرعين لا تزال قائمة في ظل صراعهم حول دعم الرعاية الصحية.
كما يلفت التقرير إلى الحماس المتزايد لأسهم شركات التكنولوجيا الكبرى (. . ) ويطرح سؤالاً: هل يستطيع عمالقة التكنولوجيا الذين يواصلون الإنفاق ببذخ على الذكاء الاصطناعي، تلبية توقعات المستثمرين العالية؟
يشار في هذا السياق، إلى أنه من المقرر أن تُعلن آبل وأمازون وألفابت ومايكروسوفت وميتا عن نتائجها المالية هذا الأسبوع.
أرقام قياسية
يؤكد رئيس قسم الأسواق العالمية في شركة جو يرق، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أن الأسواق الأميركية تشهد حالياً زخماً قوياً غير مسبوق، قائلاً: “في الوقت الحاضر لا نرى أي عوامل تعيق استمرار ارتفاع الأسهم الأميركية، بل نرى أرقاماً قياسية جديدة تُسجّل بشكل متكرر، مدفوعة بتفاؤل المستثمرين وعودة الزخم إلى القطاعات التقنية وخصوصاً المرتبطة بالذكاء الاصطناعي”.
ويضيف أن “موجة الصعود القوية التي بدأت منذ نهاية عام 2023 ما زالت مستمرة، مدعومة بتحسن الأوضاع الجيوسياسية وعودة التفاوض بين الولايات المتحدة والصين، إضافة إلى تجنب تأثير الإغلاق الحكومي الأميركي الأخير”.
لكنه في الوقت نفسه يحذر من بعض المخاطر التي قد تُعيق استمرار هذا الزخم، موضحاً أن “عودة التضخم إلى الارتفاع مجدداً قد تدفع الاحتياطي الفدرالي إلى التريث في وتيرة خفض أسعار الفائدة، بعدما كانت الأسواق تتوقع تسريع وتيرة الخفض خلال الربع الرابع من العام”.
ويتابع يرق قائلاً: “إذا شهدنا تباطؤاً في نمو أرباح الشركات الأميركية أو مؤشرات ضعف اقتصادي، فقد يشكل ذلك ضغطاً على الأسواق ويؤدي إلى تراجع شهية المخاطرة لدى المستثمرين، خصوصاً في حال ظهور توترات جيوسياسية مفاجئة أو لجوء المستثمرين مجدداً إلى السندات الأمريكية كملاذ آمن”.
من بين الأسهم المنتظر أن تعلن نتائج أرباحها خذا الأسبوع خمس من شركات “السبعة الرائعين”، وهم أبل وأمازون وألفابت وميتا بلاتفورمز ومايكروسوفت.
ويختتم رئيس قسم الأسواق العالمية في حديثه بالتأكيد على أن “الوقت الراهن لا يزال إيجابياً للأسهم الأميركية، إذ نلاحظ سيولة مرتفعة وإقبالاً متزايداً من المستثمرين الأجانب، ما يعكس ثقة كبيرة في استمرار النمو في قطاع الأسهم الأميركي”.
وشهدت أسواق الأسهم الأميركية أسبوعاً رابحاً، حيث سجلت المؤشرات الرئيسية الثلاثة مستويات قياسية يوم الجمعة الماضي. وارتفع مؤشر داو جونز الصناعي بنحو 1، أي ما يعادل 472. 51 نقطة، ليصل إلى 47,207. 12 نقطة، مسجلًا أول إغلاق له على الإطلاق فوق مستوى 47,000 نقطة. وارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 0. 79 ليصل إلى 6,791. 69 نقطة، بينما ارتفع مؤشر ناسداك المركب بنسبة 1. 15 ليصل إلى 23,204. 87 نقطة.
التوترات التجارية
وتترقب الأسواق نتائج اجتماع الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ. . وفي هذا السياق يشير تقرير لشبكة “سي إن بي سي” الأميركية، إلى أنه:
– من المقرر أن يجتمع ترامب وشي في كوريا الجنوبية يوم الخميس في محاولة لتخفيف التوترات التجارية، وهو الحدث الذي قد يوفر قدرا كبيرا من الوضوح والطمأنينة للمستثمرين.
– وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت يشير مؤخرا إلى أن المحادثات بين الزعيمين كانت “بناءة وواسعة النطاق وعميقة”، وهو ما قد يحرك عجلة المفاوضات.
– قال المحلل في شركة، دان إيفز، إن التوصل إلى اتفاق تجاري بين الولايات المتحدة والصين سيكون بمثابة نعمة لأسهم شركات التكنولوجيا الكبرى، مما يسهم في ارتفاع السوق على نطاق أوسع.
– إيفز يشير يوم الأحد في مذكرة للعملاء، إلى أنه “يبدو أن إطار عملاتفاقية تجارية أوسع نطاقا يمكن أن تكون على الطاولة هذا الأسبوع بين الولايات المتحدة والصين، وهو ما سيكون بمثابة لحظة ثورية ضخمة لقطاع التكنولوجيا والأسواق”. وذلك بعد التفاهمات التي تمت بين البلدين أخيراً والاتفاق الإطاري.
استقرار السوق
وإلى ذلك، يقول رئيس قسم الأسواق المالية في شركة ميشال صليبي، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إن هناك عدة عوامل قد تؤثر على استقرار الارتفاع في الأسواق الأميركية، أو على الأقل على الزخم الإيجابي القوي الذي شهدناه خلال الفترة الأخيرة.
ويضيف أن أول هذه العوامل هو التضخم، الذي ما زال يقلق الأسواق العالمية، لأنه من جهة يضعف القوة الشرائية للمستهلكين، ومن جهة أخرى قد يدفع في وقت لاحق الاحتياطي الفيدرالي إلى التريث في خفض أسعار الفائدة، خاصة في ظل حالة عدم اليقين المرتبطة بإمكانية إغلاق الحكومة الأميركية.
يتوقع المستثمرون أن يخفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة في اجتماعه في 29 أكتوبر، لا سيما بعد أن أصدر مكتب إحصاءات العمل بيانات تضخم أضعف من المتوقع الأسبوع الماضي.
ويتابع صليبي أن من بين العوامل الأخرى الارتفاع المفرط في تقييمات الأسهم الأميركية، موضحاً أن “التقييمات باتت مرتفعة جداً، وبالتالي فإن استمرار الزخم الحالي سيعتمد على قدرة الشركات على تحقيق توقعات أرباح أعلى بكثير من السابق”.
ويؤكد أن أي خيبة أمل ولو بسيطة في نتائج الشركات أو في توقعاتها المستقبلية يمكن أن تؤدي إلى تصحيح أو تراجع ملحوظ في السوق، خصوصاً في قطاع التكنولوجيا والقطاعات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، التي تشهد بدورها تنافساً متزايداً مع الشركات الصينية.
ويشير صليبي إلى أن تباطؤ النمو الاقتصادي أو تراجع أرباح الشركات يمثل بدوره عاملاً ضاغطاً، مشدداً على أن “أي مؤشرات على انكماش الاقتصاد الأميركي أو تباطؤه ستؤدي حتماً إلى تراجع الزخم وإضعاف أداء الأسهم”.
ويضيف أن الاضطرابات الجيوسياسية والتجارية تبقى من أهم المخاطر المؤثرة، موضحاً أن “التوترات السياسية الأخيرة، بما فيها تصريحات الرئيس دونالد ترامب قبل نحو عشرة أيام، تركت أثراً واضحاً على الأسواق”.
ويتابع: “عندما ترتفع المخاطر السياسية أو الخارجية، يفضل المستثمرون الابتعاد عن الأصول عالية المخاطر، أو الانتظار حتى تتضح الصورة”.
ويختم صليبي بالقول إن من العوامل المهمة أيضاً السيولة في الأسواق، فإذا بدأت السيولة في الانحسار أو شهدنا نزوحاً من الأصول الخطرة، فإن الطلب على الأسهم سيتراجع، ما قد يؤدي إلى استقرار أو تراجع الأسعار من دون تسجيل ارتفاعات جديدة، خاصة وأن الزخم الحالي مدفوع بدرجة كبيرة بالتوقعات المتفائلة والأرباح القوية التي باتت صعبة التحقيق في ظل الظروف الراهنة.

المصدر: skynewsarabia

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى