تحليل علمي جديد: هذا النظام الغذائي يُمكن أن يطعم العالم بحلول عام

دبي، الإمارات العربية المتحدة () — خلص تقرير جديد إلى أنه يمكن لنحو جميع سكان الكوكب الحصول على طعام مغذٍ ومناسب ثقافيًا بحلول عام 2050، مع تحسين البيئة في الوقت ذاته، إذا تعاونت الدول على تنفيذ “نظام غذائي من أجل صحة الكوكب”.
بحسب التقرير الذي نُشر الخميس من قبل لجنة – لعام 2025 حول الأنظمة الغذائية الصحية التي تعتمد على أنظمة غذائية مستدامة، فإن اعتماد نظام غذائي صحي وصديق للبيئة، فضلًا عن تقليل هدر الأغذية وزيادة الإنتاجية الزراعية، يمكن أن يمكّن حوالي 9. 6 مليار شخص من تناول طعام “مغذٍ وعادل” بحلول عام 2050.
وفقًا لما ذكرته لجنة -، وهي مجموعة من أبرز الخبراء في مجالات الزراعة، والمناخ، والاقتصاد، والصحة، والتغذية من أكثر من 35 دولة عبر ست قارات، فإن هذه التغييرات يمكن أن تساعد أيضًا في خفض انبعاثات الغازات الدفيئة السنوية من أنظمة الغذاء العالمية إلى النصف أو أكثر.
ذكر التقرير أن حوالي 30 من الانبعاثات العالمية للغازات الدفيئة تأتي من زراعة وتصنيع ونقل الأغذية، بالإضافة إلى تحويل الأراضي الحرجية إلى أراضٍ زراعية، بينما تأتي النسبة المتبقية، أي 70، من استهلاك الوقود الأحفوري.
قال الدكتور والتر ويليت، وهو الرئيس المشارك للجنة وأستاذ علم الأوبئة والتغذية في كلية هارفارد للصحة العامة وأستاذ الطب في كلية الطب بجامعة هارفارد في بوسطن إن “النظام الغذائي الجيد لكل من الإنسان والكوكب يركز على الفاكهة، والخضار، والمكسرات، والبقوليات، والحبوب الكاملة، مع كمية معتدلة من اللحوم ومنتجات الألبان، والقليل من السكر المضاف، والدهون المشبعة، والملح”.
فيما يتعلق باللحوم ومنتجات الألبان، أوضح ويليت أن القاعدة هي “واحد زائد واحد”، أي حصة يومية واحدة من منتجات الألبان مثل الحليب أو الزبادي، مع حصة يومية واحدة من البروتين الحيواني مثل الأسماك، أو الدجاج، أو البيض، أو اللحوم.
لكن يجب الحد من تناول اللحوم الحمراء (مثل لحم البقر والضأن ولحم الخنزير) إلى حصة واحدة تزن نحو 113 غرامًا مرة واحدة فقط في الأسبوع، بسبب تأثيرها على الصحة العامة.
وأضاف ويليت في حديثه مع: “هذا النظام الغذائي لا يلغي اللحوم ومنتجات الألبان، وليس نظام حرمان. إنه يشبه إلى حد كبير النظام الغذائي المتوسطي، حيث تُستهلك منتجات الألبان مرة يوميًا، واللحوم الحمراء مرة أسبوعيًا، والبيض والدجاج والأسماك مرتين أسبوعيًا تقريبًا”.
مع ذلك، فإن طريق التغيير لا يقتصر فقط على تناول طعام صحي، حسبما وجد الرئيس المشارك للجنة، يوهان روكستروم، وهو مدير معهد لأبحاث تأثير المناخ وأستاذ علوم نظام الأرض في جامعة بوتسدام بألمانيا.
وقال روكستروم في مؤتمر صحفي الثلاثاء: “من الضروري أيضًا تقليل هدر الطعام، والتحوّل إلى ممارسات مستدامة لإدارة الأراضي والمياه والمغذيات والأنظمة البيئية، يجب الاستثمار بكل هذه المجالات في آنٍ واحد”.
وأضاف: “يجب أن تختار إنتاج طعام صحي يكون ميسور التكلفة ومتوفرا لجميع الناس. ولهذا السبب فإن هذا الأمر يعد تحديًا حقيقيًا”.
رد فعل معاكس مؤيد للحوم
نُشر تقرير لجنة – لأول مرة في عام 2019. في ذلك الوقت، وكما هو الحال الآن، تعاونت مجلة ” ” الطبية مع منظمة البيئية غير الربحية وعشرات الباحثين الدوليين لتحديد كيفية تمكّن منتجي الغذاء من إطعام سكان العالم المتزايدين دون التسبب في مزيد من الضرر للبيئة.
قدّرت اللجنة في عام 2019 أنه إذا تم اعتماد نظام “صحة الكوكب الغذائي” عالميًا، فيُمكن أن يسهم في تجنب نحو 11. 6 مليون حالة وفاة مبكرة سنويًا، من خلال تحسين التغذية وتقليل مخاطر الإصابة بالسكري، وأمراض القلب، وغيرها من الأمراض المرتبطة بالنظام الغذائي.
باستخدام نماذج متقدمة، قدّر التقرير المحدّث لعام 2025 أن اعتماد هذا النظام الغذائي على نطاق عالمي يمكن أن يمنع نحو 15 مليون حالة وفاة مبكرة كل عام. وفي الولايات المتحدة وحدها، قال ويليت: “يمكن تجنّب حوالي 31 من الوفيات المبكرة بين البالغين”
بحسب تقرير 2025، فإن تغيير نظام الغذاء العالمي يمكن أن يوفر 5 تريليونات دولار سنويًا من خلال استعادة النظم البيئية، وتقليل تكاليف الرعاية الصحية، وإبطاء آثار أزمة المناخ.
ويفوق هذا الرقم بأكثر من عشرة أضعاف حجم الاستثمار المطلوب لتحقيق هذا الجهد العالمي، والمقدّر ما بين 200 مليار و500 مليار دولار.
تواصلت مع المعهد الوطني للزراعة الحيوانية، الذي يمثل صناعة الألبان والثروة الحيوانية في الولايات المتحدة، لكنها لم تتلق ردًا.
مع ذلك، أفاد أعضاء اللجنة بأن ردود الفعل السلبية تجاه التقرير الجديد قد بدأت بالفعل، وأشاروا إلى أنها تشبه ما وصفوه بأنه هجوم منسق أعقب نشر تقرير – عام 2019.
نمذجة المستقبل
إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فإن المزارعين سيواصلون زيادة إنتاج الغذاء، وستُحوَّل المزيد من الغابات إلى أراضٍ لزراعة أعلاف الحيوانات، وسترتفع انبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة عن الزراعة بنسبة 33، وفقًا لتقرير لجنة – لعام 2025.
أشار التقرير إلى أن نحو 70 من المناطق البيئية على الكوكب فقدت بالفعل أكثر من 50 من مساحاتها الطبيعية، غالبيتها بسبب التوسع الزراعي.
مع ذلك، فإن تحويل نظام الغذاء العالمي يمكن أن يخفض الانبعاثات المتوقعة من الغازات الدفيئة بنسبة حوالي 60 مقارنة بمستويات عام 2020، بحسب اللجنة. كما يمكن أن ينخفض عدد رؤوس الماشية بنسبة 26، ويترافق ذلك مع تقليص 11 من الأراضي المخصصة للرعي.
وأوضح ويليت: “هذه نقطة جوهرية وهائلة، لأنها تعني أننا يمكن أن نتوقف عن قطع أشجار الأمازون لزراعة المزيد من فول الصويا ومحاصيل أخرى لتغذية الحيوانات. وهذا يحدث بمعدل مقلق للغاية”.
في المقابل، يمكن أن ترتفع إنتاجية الأغذية المائية بنسبة 46، ويزيد الطلب على الخضار بنسبة 42. كما يمكن أن ترتفع إنتاجية الفاكهة بنسبة 61، والمكسرات بنسبة 172، والبقوليات بنسبة 187.
بشكل عام، يُتوقع أن تنخفض أسعار الغذاء بنسبة تقارب 3 في هذا السيناريو.
أدوات متعددة لتحقيق التغيير
قالت كريستينا هيكس، عضوة اللجنة وأستاذة البيئة السياسية في جامعة لانكستر بالمملكة المتحدة، خلال مؤتمر صحفي: “في الوقت الحالي، فإن أغنى 30 من سكان العالم مسؤولون عن أكثر من 70 من التأثيرات البيئية المرتبطة بالغذاء، في حين أن أقل من 1 من السكان يعيشون في وضع تتحقق فيه حقوقهم الغذائية دون الإضرار بالبيئة”
لذلك، أضافت هيكس أن تقليل تأثير إنتاج الغذاء على الكوكب، مع إنتاج ما يكفي لإطعام السكان عالميًا، يتطلب تخطيطًا وجهدًا منسقًا بين الدول.
واقترحت اللجنة عددًا من الإجراءات الممكنة لتحقيق هذا الهدف.
يمكن تحويل الإعانات الزراعية من اللحوم ومنتجات الألبان إلى الخضار، والفاكهة، والبقوليات، والحبوب الأكثر استدامة وصديقة للبيئة، بهدف جعل هذه الخيارات الصحية والمستدامة أكثر توافرًا وبأسعار معقولة، حسبما ذكرته لاين جوردون، عضوة اللجنة وأستاذة كرسي كورت بيرغفورز في علوم الاستدامة ومديرة مركز ستوكهولم للقدرة على التكيف.
وأضافت جوردون أن فرض ضرائب على الأطعمة الغنية بالسكر والملح والدهون المشبعة، إلى جانب تقييد التسويق لهذه الأطعمة، يمكن أن يدمَج مع قوانين تنظم تسويق الأغذية، خاصة الموجهة للأطفال، بالإضافة إلى وضع ملصقات تحذيرية واضحة على الأطعمة غير الصحية.
وقالت جوردون: “نحن نؤكد أيضًا أن الأمر لا يقتصر فقط على خفض الأسعار، بل يتعلق أيضًا بزيادة القوة الشرائية للناس حتى يتمكنوا من تحمّل تكلفة نظام غذائي صحي”.
المصدر: cnn




