بيروت متحف مفتوح بين العمارة والفن والأزياء في معرض ” “

دبي، الإمارات العربية المتحدة ()– فور دخولك إلى فيلا عودة بمنطقة الأشرفية في العاصمة اللبنانية بيروت، لا يسعك إلا أن تلتفت إلى البيانو المعلّق في السقف والأغراض المتطايرة في الهواء، لتكتشف أنها جزء من استوديو الموسيقي اللبناني خالد مزنّر، الذي تحطم أثناء انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطسآب 2020، في مشهد يتناغم مع المقطوعة الموسيقية “نبض” التي ألفها مزنّر مباشرة بعد الانفجار.
قال مزنّر في مقابلة مع موقع بالعربية: “كنت أمضي غالبية وقتي في تأليف الموسيقى وتوزيعها في ذلك المكان. ما زلت أذكر المشهد جيدًا وقمت بإعادة تجديده اليوم”، مضيفًا: “لطالما عملت بالموسيقى، وهي غير ملموسة. لكن هذه المرة كان الأمر مختلفًا؛ أنشأت شيئًا محسوسًا يمكن لمسه ورؤيته، ما يمثل شهادة على الخسارة، والحزن، والصمود”.
تحولت فعالية ” ” التي بدأت بتاريخ 22 أكتوبرتشرين الأول إلى متحف مفتوح امتد على فترة أربعة أيام، حيث احتفت بالتصميم، والفن، والعمارة من خلال ثمانية معارض رئيسية في خمسة مواقع بارزة في بيروت بينها مصنع أبرويان في منطقة برج حمود، وبرج المر في وسط بيروت، وفيلا عودة في منطقة الأشرفية، والحمامات الرومانية في وسط بيروت، ومبنى الاتحاد في منطقة الصنائع.
قالت ماريانا وهبة، التي نظمت الفعالية بالتعاون مع الفنان اللبناني سامر الأمين، إن التحضير لهذا العمل استغرق أشهرًا طويلة، بهدف أن تتمكن كل فعالية من إيصال نبض المدينة وتناقضتها للزوار، موضحة أن هذه المساحة الهشّة والعابرة تتميز بجمال فائق العمق.
وصف المهندس المعماري فادي يشوعي في مقابلة مع بالعربية عمله الفني ” ” بـ”رحم المدينة”، الذي يجسد بيروت كأم وامرأة حاضنة، باستخدام هيكل فولاذي مغطّى بالجبس، بالإضافة إلى حبلين سريّين يرمزان إلى الانتظار الطويل وطاولة الحوار، لافتًا إلى أن القصص في لبنان لا تموت بل تستمر وتعود لتتشكّل من جديد.
من جانبه، أشار المهندس المعماري رامي بسترس إلى أن عمله الفني “الوعد” هو تحية لصمود بيروت بين الماضي، والحاضر، والمستقبل، مضيفًا أن العمل مبني من ثلاث كتل حجرية بازلتية قديمة، بمثابة مقاعد عائمة تدعو الزوار للجلوس، والتأمل، والتفاعل مع العمل كلٌ على طريقته.
قدمت ميريام صادق، العاملة في التصميم الداخلي مع المهندس المعماري غريغوري غاتسيريليا، تجسيدًا ظليًا لامرأة، إذ قالت إنها رأت بيروت كامرأة قوية ومستقرة، تنتظر القوة الإلهية لإعادة الحياة إليها. واستخدمت الخشب كمادة أساسية لأنه دافئ، ويرتبط بالأرض، ويعكس طابعها الشخصي.
أما مهندسة الديكور الداخلي تارا جاين تابت، التي عادت إلى بيروت بعد هجرة دامت ثماني سنوات، فقد جمعت حجارة إسمنتية من شوارع الجميزة، ورتبتها بشكل عمودي هش، لتشبه المجتمع اللبناني. واستخدمت الطين لتليين الحواف الحادة، والشمع الطبيعي، والأصباغ النباتية لإضفاء لمسة دافئة ولمّاعة، لتذكّر أن اللبنانيين ما زالوا يحبون الحياة، ويسعون للجمال، وينظرون إلى المستقبل.
الإبداع بوجوه متعددة
على إيقاع أصوات الإبر، والخيوط، والمقصات، وخلفية موسيقية للمغنية والملحنة لينا أديب، قدّم مصمم الأزياء اللبناني سليم عزام عرضه في مصنع أبرويان، حيث جلست أربعون امرأة في حلقة دائرية، وهن يرتدين اللون الأسود وغطاء رأس أبيض اللون، ويحركن أيديهن على ملاءة بيضاء طويلة.
كما قدّم مصمما الأزياء اللبنانيان أسعد قزي وجورج أسطا قطعًا فنية بينها “مقعد الأفق” و”ثالوث”، استُلهمت الأولى من المسار البطيء للشمس عبر الأفق، والثانية من محور ضوئي واحد في توازن بصري أنيق.
وأوضح المصممان لموقع بالعربية أن ما يجعل هذه القطع مميزة هو أنها مصنوعة بالكامل من مواد معاد تدويرها، باستخدام بقايا خشب الأرضيات والأقمشة الفائضة.
كما سلّطت الفعالية الضوء على الحرف اليدوية اللبنانية المهددة بالاندثار، حيث قامت سارة بيضون بجمع أكثر من خمسين قطعة من مفارش الأسرّة، والطاولات المحاكة بالكروشيه يدويًا، من مناطق مختلفة في لبنان، وتم اختيار كل قطعة بعناية بحسب دقتها التقنية وأهميتها الثقافية، لتشكّل تركيبًا عموديًا متدرجًا يُجسّد مشهد تجمع النساء في دوائر الحياكة التقليدية.
وعرضت بيضون أعمالًا تركيبية أخرى ضمن مشروع تحت عنوان ” “، ضمّ ثماني حرف تقليدية أخرى مهددة بالزوال مثل التطريز بالإبرة، وتطريز الحرير، والتطريز الإنكليزي، والدانتيل اليدوي، والتطريز بالخيوط المعدنية، وتقنيات التزيين بشرانق دودة القز.
أما المصمم اللبناني حسن إدريس فقدّم عملًا تركيبيًا غامرًا بعنوان ” “، وهو مفرش طاولة مطرّز يدويًا بالخرز، يجمع بين التطريز والكوتور باستخدام أقمشة معاد تدويرها وسهلة التنظيف مثل الكريب الأبيض.
المصدر: cnn




