“أطلس”.. هل ينجح “متصفح ” في إعادة رسم خريطة الإنترنت؟

في لحظة قد تُغيّر شكل الإنترنت كما نعرفها، أطلقت شركة منذ أيام قليلة، متصفحها الجديد، المُصمم ليكون أكثر من مجرد منصة تصفّح وبحث، بل بوابة ذكية مدعومة بالذكاء الاصطناعي تضع المستخدم في قلب تجربة رقمية تفاعلية.
ويُنظر إلى إطلاق مُتصفّح كأكثر محاولات طموحاً حتى الآن، لاختراق قلب الإنترنت نفسه، في تحدٍ مباشرٍ لعمالقة التكنولوجيا مثل و و، الذين احتكروا تجربة التصفّح لعقود.
ويوفّر تجربة تصفّح أكثر تخصيصاً، ففي كل مرة يزور فيها المستخدم موقعاً إلكترونياً داخل المتصفّح، سيظهر له خيار “اسأل ” الذي يسمح له بالتفاعل مع محتوى الصفحة، فعلى سبيل المثال، وعند بحث المستخدم عن فيلم معيّن عبر، يمكنه الطلب من أن يقوم بتلخيص المراجعات المتعلقة بالفيلم لقرأتها بسرعة، حيث يتم كل ذلك مباشرة داخل المُتصفّح، دون الحاجة للنسخ واللصق أو التنقل بين الصفحات.
متصفّح يعمل نيابةً عنك
وبحسب المعلومات التي وفّرتها واطّلع عليها موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، فإن مهمة مُتصفّح لا تنحصر بمساعدة المستخدمين في عمليات البحث، بل يمكنه أيضاً إنجاز المهام نيابةً عنهم من خلال ميزة “وضع الوكيل” أو. فمثلاً، في حال كنت تخطط لإقامة حفل عشاء ولديك وصفة طعام معينة في ذهنك، ولكنك لا تملك الوقت للبحث عن المكونات أو ترتيب الطلبات بنفسك، فإن كل ما عليك فعله هو تزويد بالوصفة، ليقوم هو بالبحث عن متجر البقالة المناسب، وإضافة المكونات المطلوبة إلى سلة التسوق، ثم إتمام عملية الطلب حتى تصل إلى باب منزلك.
أما على صعيد العمل، فيمكن لميزة في فتح المستندات وقراءتها وإجراء تحليلات، إضافة إلى القيام بأبحاث جديدة، وتقديم ملخصات شاملة بسرعة وسهولة. وما يعزز من فعالية ميزة في هو أن المُتصفّح قادر وفي حال أراد المستخدم ذلك، على الاحتفاظ بذاكرة المهام السابقة التي تم تكليفه بها، مما يتيح الاستفادة من التفاصيل المخزنة لإتمام المهام الجديدة بكفاءة أعلى.
الوكيل غير آمن حالياً
ولكن شددت على أن “وضع الوكيل” في يقدم تجربة أولية قد تتسبب في أخطاء، خصوصاً عند تنفيذ طلبات العمل المعقدة، مشيرة إلى أن قدرات هذه الميزة، لا تزال تنطوي على مخاطر، فبالإضافة إلى ارتكاب الأخطاء عند التصرف نيابةً عن المستخدمين، يمكن لـ “وضع الوكيل” في أن يكون عرضة لتنفيذ تعليمات ضارة، قد تكون مخفية في صفحات الويب أو البريد الإلكتروني، ومخصصة لجعل الوكيل يتجاوز تعليمات مستخدميه.
ولفتت إلى أنها تعمل بشكل مستمر على تحسين موثوقية ميزة “وضع الوكيل” في، وزيادة دقة تنفيذها للمهام المعقدة، مع تطوير آليات حماية إضافية للتصدي للتعليمات الخبيثة، وضمان أن يبقى الوكيل تحت السيطرة الآمنة للمستخدم، بما يعزز الأمان والكفاءة في بيئة العمل الرقمية.
مُتصفّح يتعلّم ويتطوّر
كما كشفت أن مُتصفّح يمكن أن يصبح أكثر ذكاءً وفائدة، فالذاكرة المدمجة به تتيح له تذكّر كل شيء واسترجاعه عند الحاجة، وهذا يعني أنه يُمكن للمستخدمين أن يطرحوا أسئلة مثل: “ابحث عن جميع إعلانات الوظائف التي كنتُ أبحث عنها الأسبوع الماضي، وأنشئ ملخصاً لاتجاهات السوق لأتمكن من الاستعداد للمقابلات”، وهنا يقوم المُتصفّح الجديد بتنفيذ الطلب بسهولة.
تحت سيطرة المستخدم
ولتفادي مواجهة أي عقبات قانونية، فإن إعدادات مُتصفّح، ستكون تحت سيطرة المستخدم، حيث يمكنه اختيار تفعيل ميزة “ذاكرة المُتصفّح” وأرشفتها، أو حذف سجل التصفّح تماماً.
كما يمكن للمستخدمين منع المُتصفّح من استخدام بياناتهم والتدرّب عليها، إذ شددت على أن المستخدم هو من يتحكم بما يراه ويتذكره، مشيرة إلى أنه خلال تفعيل ميزة “وضع الوكيل” فإن المُتصفّح لن يتمكّن من تنزيل الملفات ولا الوصول إلى تطبيقات أخرى على جهاز الكمبيوتر، كما أن سيتوقف مؤقتًا للتأكد من أن المستخدم يشاهده وهو يتخذ إجراءات على مواقع حساسة محددة، مثل المؤسسات المالية.
وخلال فعاليات إطلاق قال سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة، إنّ المُتصفّح الجديد هو مُتصفّح ويب مدعوم بالذكاء الاصطناعي، ومبني على، لافتاً إلى أنّ الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة نادرة، لا تتكرر إلا مرة كل عقد.
الأجهزة التي يعمل عليها المتصفّح
ويتوفر متصفح الجديد حالياً، فقط على أجهزة الكمبيوتر التي تعمل بنظام تشغيل من. وتخطط الشركة لإطلاق نسخة لنظام وأنظمة تشغيل الهواتف المحمولة، بما في ذلك من و من.
أما ميزة “وضع الوكيل” في، فهي ستكون متوفّرة “للمعاينة” وفقط لمشتركي و و من.
خطوة نحو الإنترنت التنفيذي
وتقول مستشارة الذكاء الاصطناعي المعتمدة من أكسفورد هيلدا معلوف ملكي، في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إنه لا يمكن النظر إلى إطلاق كتحديث تقني للمتصفحات، بل كتحوّل في بنية الإنترنت نفسها، فمُتصفّح الجديد هو كناية عن منصة يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتوسط فيها، وأن يتخذ عبرها قرارات تنفيذية نيابة عن المستخدم، وهذا يعني أننا انتقلنا من نموذج المُتصفّحات التقليدية القائمة على توفير تجربة البحث والاطلاع على المعلومات، إلى نموذج تنفيذي وتفاعلي يتيح للمُتصفّح وبشكل شبه مستقل القيام بمهام معقدة من التسوق إلى تحليل البيانات والمعلومات.
ثورة في عالم الأعمال
وبحسب معلوف ملكي، فإن حجم تأثير ميزة “وضع الوكيل” الموجودة في مُتصفّح سيكون هائلاً في عالم الأعمال، فالمتصفّح الجديد بمقدوره تحليل المستندات والبيانات واستنتاج الخلاصات وإجراء أبحاث جديدة بسرعة ودقة، وهذا الأمر سيعيد تعريف الإنتاجية في بيئة الأعمال، من خلال تعزيز الكفاءة التشغيلية، لافتة إلى أنه مع استمرار تطور هذه الميزة في السنوات المقبلة، فإن سيتحوّل إلى أداة محورية وثورة في إعادة تشكيل طريقة العمل والإدارة بذكاء أكبر وبكلفة مالية متدنية.
عصر الأنظمة التنبؤية التنفيذية
وتشرح معلوف ملكي، أن امتلاك لذاكرة مدمجة، يُظهر نقطة تحوّل في الحوسبة المعرفية، فمهمة المُتصفّح الجديد لا تقتصر على البحث اللحظي، بل هو قادر على التعلّم والاستفادة من التاريخ الرقمي للمستخدم، وهذا علمياً يشير إلى دمج الذكاء الاصطناعي مع مفهوم الذاكرة العملية في الأنظمة الرقمية، حيث يصبح المُتصفّح قادراً على اقتراح إجراءات استباقية وتقديم حلول مخصصة بناءً على سلوك المستخدم، ما يعني أن العالم قد انتقل فعلياً إلى عصر الأنظمة التنبؤية التنفيذية.
تحذيرات من تأخر
وترى معلوف ملكي، أن دخول إلى مجال مُتصفّحات الإنترنت، يُعيد توزيع القوة في سوق هيمنت عليه و و لعقود، حيث أن قدرة على دمج الذكاء الاصطناعي مباشرة في المُتصفّح، تعني تقليص الاعتماد على محركات البحث التقليدية، مشددة على ضرورة أن تسرع في طرح المُتصفّح الجديد على كل أنظمة التشغيل، قبل أن تفاجئ العالم بإطلاق ميزات مماثلة، وعندها ستُصبح مهمة أصعب في الاستحواذ سريعاً على حصة من السوق، وذلك نظراً للانتشار الكبير الذي تتمتع به متصفحات بين المستخدمين.
التحدي الأكبر أمام
من جهته، يقول المطور التكنولوجي فادي حيمور، في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن لا يمثل مجرد متصفح جديد، بل خطوة أولى نحو الإنترنت التنفيذي الذكي، ويشكّل تهديداً مباشراً لهيمنة عمالقة المتصفحات مثل و، كما يؤثر على إيرادات الإعلانات المبنية على النقرات والبيانات، ومع ذلك تبقى التحديات الأمنية والمخاطر القانونية، المرتبطة بميزة العقبة الكبرى أمام المُتصفّح، فالتكنولوجيا المتقدمة لا تأتي دون مسؤولية، إذ لا يزال أي وكيل ذكي معرّض لارتكاب أخطاء، أو التعرض للاستغلال أثناء تنفيذ المهام، ما يستدعي تطوير بروتوكولات أمان متقدمة وتعزيز التعلم المستمر للذكاء الاصطناعي.
ما نراه هو البداية فقط
ويشدد حيمور على أن ما نراه اليوم مع إطلاق ليس سوى البداية، إذ تُمهّد خطوة لموجة متسارعة من التحولات في عالم التصفح والذكاء الاصطناعي، فالمرحلة المقبلة ستشهد اندماجاً أعمق للذكاء الاصطناعي داخل المتصفحات، وتوسّعاً في قدرات “وضع الوكيل” ليشمل مهام أكثر تعقيداً، مما سيضع المستخدم في قلب بيئة إنترنت لم نعرفها من قبل.
المصدر: skynewsarabia




