رياضة

أسبوع الموضة في باريس: كيف نجد المعنى في الأزياء؟

دبي، الإمارات العربية المتحدة () — أصبح الوصول إلى عالم الأزياء الراقية أسهل من أي وقت مضى. فكل من لديه هاتف وإنترنت يمكنه متابعة عروض أسبوع الموضة، والتواصل مع المصممين، والانغماس في عوالم العلامات الفاخرة. ومع ذلك، لا تعني متابعة الموضة بالضرورة زيادة المبيعات.
يواجه قادة صناعة الموضة تحديًا حقيقيًا بسبب تباطؤ سوق السلع الفاخرة، ويبحثون عن طرق للحفاظ على قيمتهم وتجديد علاقتهم بالمستهلكين وزيادة أرباحهم. وكان هذا واضحًا خلال عروض ربيع وصيف 2026 في باريس، حيث شهدت بعض العروض عددًا أقل من المقاعد وتصاميم أبسط، رغم وجود عدد غير مسبوق من المصممين الجدد.
شهد أسبوع الموضة مشاركة 111 علامة خلال تسعة أيام، مع امتلاء الصفوف الأمامية بالمشاهير والمؤثرين، وانتشرت مقاطع العروض بقوّة على مواقع التواصل الاجتماعي. وكان من الصعب، رغم ذلك، على كل علامة أن تبرز وسط كل هذا الزخم، وتصل إلى جمهور يعاني من ارتفاع تكاليف المعيشة وعدم اليقين.
لكن نجحت بعض دور الأزياء في ذلك، إذ ترك المصممون الذين أحدثوا فرقًا لحظات ملهمة أثارت نقاشات، وأظهرت كيف يمكن للموضة أن تتجاوز منصات العرض وتؤثر في أسلوب حياة الناس وما يرتدونه يوميًا.
أزياء ترغب النساء فعلاً بارتدائها
ركّز بعض المصمّمين في السنوات الأخيرة على الغرابة والإبداع الفني أكثر من الملابس التي تحب النساء ارتداءها، لكنّ الأمر تغيّر في هذا الموسم.
فقدّم جاك ماكولوف ولازارو هيرنانديز لدى دار “لويفي” أول مجموعة لهما، غنية بتصاميم مبهجة وسهلة الارتداء.
وأعاد بييرباولو بيتشولي “بالنسياغا” إلى أناقتها الكلاسيكية بعد سنوات من الأسلوب الفضفاض.
وعرض مايكل رايدر مجموعته الثانية لدى”سيلين”، مع فساتين بسيطة، وسراويل ومعاطف طويلة، وكنزات وإكسسوارات تحمل شعار الدار، بأسلوب عملي وأنيق يعكس شخصيته الأمريكية الكلاسيكية. وأظهرت طريقة حمل العارضات لحقائبهن ومعاطفهن صورة المرأة النشيطة والواثقة.
وقدمت نادج فانهي-سيبولسكي عرضها بعد أكثر من عشر سنوات في المنصب الإبداعي لدى “هيرمس” مع تصاميم بدرجات الكراميل وقطع جلدية وأقمشة فاخرة، وبعض الحقائب الشهيرة للدار على الممر الرملي. رغم الطابع الشبابي لبعض التصاميم مثل القطع الجلدية والسراويل القصيرة والمعاطف المفتوحة، حافظ العرض على أناقته وهدوئه، مؤكّدًا أن القوة الحقيقية في الموضة تكمن في البساطة والثقة.
أنوثة تلفت الأنظار
سيطر الطابع الجريء والإيحاءات الجنسية على العديد من عروض هذا الموسم، في انعكاس واضح للعصر الذي نعيش فيه، حيث أصبحت الأزياء المكشوفة جزءًا من ثقافة الموضة – من نجمات البوب اللواتي يظهرن بالملابس الداخلية على المسرح، إلى فساتين “النيود” المنتشرة في كل مكان.
لكن قدّم المصمم هايدر آكرمان في عرض “توم فورد” جرعة من الأنوثة والإغراء بالقدر الكافي فقط ليترك الجمهور متشوقًا للمزيد. كانت رؤيته للجاذبية مختلفة، تقوم على الإحساس والأجواء أكثر من كشف الجسد، مع بدلات أنثوية مثيرة، وفساتين ذات ياقة منخفضة وشق مرتفع وتنانير ومعاطف طويلة بلمسة لامعة تشبه الطلاء، وظهرت الأقمشة الشفافة والدانتيل والجلد، ما أضفى طابعًا مثيرًا ومليئًا بالغموض والأنوثة الراقية على المجموعة.
إعادة ابتكار الماضي
يشهد عالم الموضة في السنوات الأخيرة هوسًا بالحنين إلى الماضي، من السبعينيات إلى التسعينيات وبداية الألفية، وهو ما يعكس ربما أزمة هوية في الصناعة. ومع ذلك، حاول العديد من المصممين هذا الموسم تجديد الماضي عوض تكراره.
قدّم ماتيو بلازي في أول عرض له مع “شانيل” رؤية جديدة حافظت على روح الدار الكلاسيكية لكن بأسلوب عصري ومنعش. ظهرت بدلات التويد خفيفة ومريحة، بتنانير منخفضة الخصر مع جيوب، فيما جاءت التنانير الواسعة الملوّنة منسّقة مع قمصان قطنية بسيطة. وأضاف بلازي أسلاكًا مرنة إلى حقيبة 2. 55 الشهيرة لتصبح قابلة للتشكيل حسب الرغبة.
وفاجأت شيمينا كمالي الحضور في عرض “كلوي”، بفساتين زهرية زاهية الألوان، مختلفة عن أسلوب الدار الهادئ المعتاد. استوحت تصاميمها من تقنيات الهوت كوتور، لكنها استخدمت أقمشة قطنية خفيفة لابتكار فساتين عملية يمكن ارتداؤها في المناسبات اليومية أو الصيفية.
أما في “ميو ميو”، فقد أعادت ميوتشا برادا التفكير في رمز كلاسيكي من رموز الأنوثة: المريول. قدّمته بطريقة جديدة فوق البيكيني والكنزات والمعاطف، محاولة منحه طابعًا راقيًا ورسالة رمزية عن الطبقات الاجتماعية ودور المرأة. ومع أن المريول الفاخر الذي صمّمته بعيد عن الحياة اليومية، إلا أن فكرته كانت لافتة وجريئة.
ابتكار في التصميم
يُعتبر التصميم الجيد في جوهره بحثًا عن حلول ذكية وجميلة في الوقت عينه. وقد كانت ستيلا مكارتني دومًا من أبرز الأصوات الداعية إلى جعل عالم الموضة أكثر وعيًا بيئيًا، حيث تقدم في كل موسم ابتكارًا جديدًا يخدم هذا الهدف.
واختتمت المصمّمة البريطانية عرضها الأخير في مركز بومبيدو الباريسي، بثلاث إطلالات مبهرة مصنوعة من مادة جديدة تُدعى “”، وهي بديل نباتي مصبوغ طبيعيًا يُستخدم بدل الريش الحيواني.
تحدّي المعايير الغربية
دخل المصممون اليابانيون عالم الموضة في باريس منذ السبعينيات والثمانينيات، وغيّروا طريقة التفكير في الملابس من خلال تحدّي الأساليب الغربية التقليدية. واليوم، ما زالت بعض هذه الدور اليابانية تحافظ على مكانتها في أسبوع الموضة، مقدّمة تصاميم مبتكرة وأفكار جديدة.
قدّم ساتوشي كوندو في عرض “إسّي مياكي” قمصانًا بأشكال غير تقليدية، بعضها بدا صغيرًا أو ملبوسًا بالعكس.
طلب يوجي ياماموتو من الحضور وضع هواتفهم جانبًا للتركيز على تجربة الأزياء بالحواس، وتضمن العرض تحية إلى جورجيو أرماني عبر فساتين بطباعة حملاته القديمة.
كما برزت دور مثل “ساكاي” الذي قدّم الجينز بطريقة جديدة، و”أندركافر” الذي قدّم أزياء غير تقليدية بأزرار غير متناسقة وسترات مشوّهة، في أسلوب ممتع يضيف لمسة إبداعية على الحياة اليومية.

المصدر: cnn

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى